لمن يتدفَّق النَّغَمُ؟
وماذا يكتب القَلَمُ ؟!
ومَنْ ترثي قصائدُنا؟
وكيف يُصوَّر الألمُ؟
إذا كان الأسى لَهَباً
فقُلْ لي: كيف أبتسمُ؟
وقُلْ لي: كيف يحملني
إلى آفاقه الحُلُمُ؟
إذا كانتْ مَوَاجعُنا
كمثل النَّارِ تضطرمُ
فقُلْ لي: كيف أُطْفِئُها
وموجُ الحزن يَلْتِطم؟!
أَعامَ الحُزْنِ، قد كَثُرَتْ
علينا هذه الثُّلَمُ
كأنَّك قد وعَدْتَ المَوْت
َ وعداً ليس ينفصمُ
فأنتَ تَفي بوعدكَ،
وهوَ يمضي ـ مسرعاً ـ بِهِمُو
ألستَ ترى رِكَاب الموتِ
بالأَحباب تنصرمُ؟!
ألستَ ترى حصونَ العلمِ
ـ رَأْيَ العينِ ـ تنهدم؟
نودِّع ها هنا عَلَماً
ويرحل من هنا عَلَمُ
جهابذةُ العلوم مضوا
فدمعُ العين ينسجم
مضوا ـ وجميعُ مَنْ وردوا
مناهلَ علمهم ـ وَجَموا
تكاد الآلةُ الحًدْبَا
ءُ، والأَقدام تزدحِم
تطير بهم إلى الأعلى
وبالجوزاءِ تلتحمُ
أكادُ أقول: إنَّ الشِّعرَ،
لم يَسْلَمْ له نَغَمُ
وإنَّ عقاربَ الساعاتِ
لم يُحْسَبْ لها رقمُ
تشابهتِ البدايةُ والنهايةُ
واختفتْ "إرَمُ"
ونفَّــذ سَدُّ مَأْرِبَ كلَّ
ما نادى به "العَرِمُ"
هوى نجمُ الحديثِ كما
هوتْ من قبله قِمَمُ
وكم رجلٍ تموتُ بموتهِ
الأَجيــالُ والأُمَــــــــــمُ
أَناصرَ سُنَّة المختارِ،
دَرْبُــكَ قَصْــدُه أَمَـــمُ
رفعتَ لــواءَ سنَّـتنـا
ولم تَقْصُرْ بك الهِمَمُ
قَضَيْتَ العمرَ في عملٍ
بـه الأَوقــاتُ تُغْــتَـنَـمُ
خَدَمْتَ حديثَ خيرِ النَّاسِ،
لـم تسأمْ كمـن سئمـــوا
حديثُ المصطفى شُرِحَتْ
بــه الآيـــاتُ والحِكَــــــمُ
فنحن بنور سنَّتـــه
إلى القرآنِ نحتكـــمُ
خَدَمْتَ حديثَ خير النَّاسِ،
لم تُنْصِتْ لمن وَهِمـــــُوا
ولم تُشْغَلْ بما نثروا
من الأهواءِ أو نظموا
سَلِمْتَ بعلمك الصافي
من "البَلْوَى" وما سَلموا
غَنِمْتَ بما اتجهْتَ له
ومَنْ نشروا الهدى غَنموا
ومَنْ جعل العُلا هَدفاً
فلن ينتابَه السَّأَمُ
أَناصرَ سنَّة الهادي
سقاكَ الهاطلُ العَمَمُ
بكتْكَ الشَّامُ ـ وَيْحَ الشَّامِ ـ
أخفــتْ بَـــدْرَها الظُّـــلَمُ
وخيَّم فوق "أَرْدُنِها"
سحابٌ غـَيْــثُـــه الأَلمُ
بكتْ "ألبانيا" لعبتْ
بها أحقادُ من ظلموا
وعشَّش في مرابعها
بُغاثُ الطير والرَّخَمُ
بكاكَ المسجدُ القُدْسيُّ
والمدَنيُّ، والحَرَمُ
بكتْكَ سلاسلُ الكتبِ
التي كالدُّرِّ ، تنتظم
فسلسلةُ الأحاديث
التي صحَّتْ لمن فهموا
وسلسلةُ الأحاديث
التي ضَعُفَتْ لمن وَهموا
وتحقيقُ الأسانيد
التي ثبتتْ لمن علموا
علومٌ كلُّها شَرَفٌ
تعزُّ بعزِّها القِيَمُ
أناصرَ سنَّةِ الهادي
لنا من ديننا رَحِمُ
لقيتُكَ دونَ أن ألقاكَ،
تُورق بيننا الشِّيَمُ
لقيتُكَ في ظِلالِ العلمِ
والأزهارُ تبتسم
تجمِّعنا محبَّةُ خير
مَنْ سارتْ به قَدَمُ
خَدَمْتَ جَلال سنَّته
فيا طُوبى لمن خَدَموا
رحلْتَ رحيلَ مَنْ أخذوا
من الأمجادِ واقتسموا
كأنَّك لم تُدِرْ قلماً
ولم يُجْرِ الحديثَ فَمُ
حزنَّا، كيف لم نحزنْ
وشِرْيانُ القلوبِ دَمُ؟
ولكنَّا برغم الحزنِ
لم يشطحْ بنا الكَلِمُ
نعبِّر عن مَواجعنا
وبالإسلام نلتزمُ
ولولا أنَّ أَنْفُسَنا
بربِّ الكون تعتصمُ
لَمَاجتْ بالأسى وغدتْ
أمام الحزن تنهزم
من قصائد الشاعر الفلسطيني الرائع:
عبد الرحمن العشماوي
With my Love
Ahmad El Gazawy